أثر الشعر في التّرويح على النّفس وإثارة العواطف الشّريفة (١)
ترتاح النفوس لسماع الشعر أكثرَ مما ترتاح لسماع النثر المساوي له في مرتبة البلاغة، ذلك أن الشعر يمتاز بالوزن والقافية، ولورود الألفاظ في جمل موزونة، ومنتهية بقافية، وقعٌ تلذه النفس، زائدٌ على ما تلذّ من موقع الفصاحة والبراعة.
ثم إن الشاعر يطلق لخياله العنان، فيؤلف من المعاني التي يقع عليها الخيال صوراً شائقة ليس من عادة البلغاء إيراد أمثالها في منثور الكلام.
ويضاف إلى هذا: أن للبلغاء أساليب في الشعر غير أساليب الكلام المنثور، أساليب يستدعيها رعاية الوزن والقافية، أو يستدعيها إرسال الخيال في أودية لا يحوم بها خيال الكاتب أو الخطيب.
وهذا الذي امتاز به الشعر؛ من الوزن والقافية، والأساليب الغريبة، وصور المعاني الطريفة، جعله يفعل في النفوس مالا يفعله المنثور من القول، وجعله يخرج النفوس من الهمود إلى انتباه، ومن الانقباض إلى ارتياح، ومن النفور إلى إقبال، بل زعم بعضهم: أن من الشعر البليغ ما ينسي الوطن والأهل.
(١) محاضرة الإمام في الإذاعة بالقاهرة يوم الثلاثاء ١١ شعبان ١٣٥٥ هـ، ونشرت في الجزء الثالث من المجلد التاسع - مجلة "الهداية الإسلامية ".