أورد أبو علي القالي قصيدة، وحكى: أن بعض أهل العلم سمعها وهو في دار غربة، فقال: أنستني أهلي، وهان عليّ طول الغربة، ومن أبيات هذه القصيدة:
فإن تكن الأيامُ فينا تبدَّلتْ ... ببؤسٍ ونُعْمى والحوادثُ تفعلُ
فما ليَّنتْ مني قناةً صَليبةً ... ولا ذللتنا للذي ليس يجملُ
ولكن رحلناها نفوساً كريمة ... تُحمَّل ما لا يُستطاعُ فتَحْمِلُ
ترتاح النفوس للشعر على حسب موافقته لأهوائها، أو طبائعها، أو جهات سيرها في الحياة، فالكاتب - مثلاً - يرتاح لقول الشاعر:
ولي قلمٌ في أنملي إن هززته ... فما ضرني أن لا أهز المهنَّدا
أكثرمما يرتاح له البطل الذي لا يعرف الكتابة، وإنما يعرف كيف يضرب بالمهند في ميادين الحروب.
والبطل الهمام يهتز لمثل قول ابن عمار:
السيفُ أصدقُ من زيادٍ خُطبةً ... في الحرب إن كانت يمينك منبرا
بأشد مما يهتز له الخطيب الذي لم تقع يده على رمح أو حسام.
ويغلب في الظن: أن عبدالله بن عبد العزيز العمري لم يكن حريصاً على رفاهية العيش حرصَ من يتقطع قلبه لفواتها، ذلك لأنه أعجب بشعر يمجد القناعة، ويجعل الرفاهية في جانبها أمراً لا يؤسف لفقده، حيث قال: أشعر الناس أبو العتاهية يقول:
ما ضرّ من جعل الترابَ مهادَه ... أن لا ينامَ على الحريرِ إذا قنع