للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

* نقد الرواية والرواة:

قال المؤلف في (ص ١٢٤): "وقد قدمنا: أن هذا الكذب والانتحال في الأدب والتاريخ لم يكونا مقصورين على العرب، وإنما هما حظ شائع في الآداب القديمة كلها".

وقع الانتحال في الشعر العربي، وقد كفانا القدماء معظم شرّه، وإليك كلمة تذكرك بما صنعوا في نقد الرواية والرواة:

يرجع النظر في رواية الشعر إلى جهتين:

أولاهما: جهة ما يترتب عليها من إثبات لغة، أو تقرير قاعدة، ومطمح أنظار العلماء في هذا أن يثقوا بن المروي صدر من عربي فصيح، ولا يعنيهم بعد هذا أن يكون قائلُ البيت امرأ القيس، أو ابن ميّادة، أو ما بينهما من جاهليين داسلاميين، ولا يمس غرضَهم بسوء أن يكون البيت منحولاً متى تلقوه من عربي مطبوع، ولهذا تجدهم يستشهدون بالبيت مع اختلاف الرواة في قائله.

ثانيهما: جهة صلة الشعر بقائله، وصحة نسبته إليه.

يقوم النظر في الجهة الأولى على أساس يجعل اللغة ونحوها وبيانها بمنعة من أن ينالها كاتب بفساد أو تحريف؛ فإن أهل العلم يوم قاموا لتدوين اللغة وتقرير قواعدها، وجدوا ألسنة العرب على لهجتها الأولى، ولم تزل مأخوذة باللغة الفصحى، فكانوا يتلقون شعرها ونثرها ممن يتكلمون بفطرهم العربية الخالصة، سواء أنشؤوا الكلام من أنفسهم، أو رووا لك ما قال غيرهم.

فمدار ما يعتد به في إثبات كلمة، أو تقرير قاعدة لغوية: على أن