للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم قال في (ص ١٣٧): "أليس من اليسير أن نفترض، بل أن نرجح: أن حياة امرئ القيس كما يتحدث بها الرواة ليست إلا لوناً من التمثيل لحياة عبد الرحمن استحدثه القصّاص إرضاء لهوى الشعوب اليمانية في العراق، واستعاروا له اسم الملك الضلّيل اتقاء لعمال بني أمية من ناحية، واستغلالاً لطائفة يسيرة من الأخبار كانت تعرف عن هذا الملك الضلّيل من ناحية أخرى؟ ".

ونحن نلقي عليك واقعة عبد الرحمن بن الأشعث في تلخيص وإيجاز، لتعلم أن بينها ويين قصة امرئ القيس من الفرق ما لا يجتمعان به إلا في مخيلة تتراكم فيها صور الأشياء على غير نظام.

يذكرون أن الحجّاج كان يبغض عبد الرحمن بن الأشعث، ويقول: ما رأيته قط، إلا أردت قتله، وكان عبد الرحمن يعرف هذه السريرة من الحجّاج، ويقول: أنا أزيله عن سلطانه.

كان الحجّاج والياً على العراق وخراسان وسجستان، فجهز جيشاً لفتح بلاد (رتبيل) ملك الترك، وبعثه تحت راية عبد الرحمن.

سار عبد الرحمن بالجيش حتى دخل في طرف من بلاد (رتبيل)، ثم عقد الرأي مع الجيش على أن يرجئوا التوغل في البلاد إلى العام المقبل، وبلغ الحجّاج ما عزم عليه عبد الرحمن من هذه الهدنة، فأمره بالمضي في سبيل الفتح، وهدده بالعزل إذا هو لم يفعل، فائتمر عبد الرحمن والجيش الذي تحت قيادته بخلع الحجّاج، ثم نادوا بخلع عبد الملك، وبايعوا عبد الرحمن، وأقبلوا إلى العراق.

دارت حروب بين عبد الرحمن والحجّاج كانت عاقبتها أن انقلب