للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخير - بعد تحقق قصد الامتثال لأمر الله - لا ينزل عن درجة القبول؛ كأن يقصد من رحلته التجارة مع قصد أداء فريضة الحج، أو يقصد التبرُّدَ بعد قصد التطهُّرِ بالماء لأداء فريضة الصلاة، أو يقصد التلذذ بالعلم بعد أن يقصد الوجه الذي اقتضى أمر الشارع بدراسته، فمن يطلب علوم الدين؛ ليصلح نفسه، ويرشد غيره، أو يدرس فنون الحرب؛ ليدافع عن شريعته، ويحمي ذمار أمته، فلا جناح عليه بعد هذا أن يذكر ما في العلم من لذة، فيزداد ارتياحه، ويقوي نشاطه.

حضر الشريف التلمساني وهو صبي درس الأستاذ أبي زيد بن الإمام، فذكر أبو زيد نعيم الجنة، فقال له الشريف: هل يقرأ في الجنة العلم؟ فقال أبو زيد: نعم، فيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، فقال الشريف: لو قلت: لا، لقلت: لا لذّة فيها. فعجب منه الشيخ، ودعا له.

والإخلاص يرفع شأن الأعمال حتى تكون مراقي للفلاح، وهو الذي يحمل الإنسان على مواصلة عمل الخير، فمن يصلي رياء، أو حياء من الناس، لا بد أن تمر عليه أوقات لا ينهض فيها إلى صلاة، ومن يحكم بالعدل ابتغاء السمعة، أو خوف العزل من المنصب، قد تعرض له منفعة يراها ألذ من السمعة، أو يصادفه عهد حكومة يأمن فيه من العزل، فلا يبالي أن يدع العدل جانباً، ومن يدعو إلى الإصلاح ابتغاء الجاه، قد ينزل بين قوم لا يحظى بينهم إلا من ينحط في أهوائهم، فينقلب داعياً إلى الأهواء.

وقد أرتنا الأيام أشخاصاً كانوا يظهرون في اعتدال وغيرة على الحق، ثم اتصلوا بنفر من أهل الدنيا يناوئون هداية الله، فلم يكن منهم إلا أن طرحوا ثوب الاعتدال، وصاروا ينطقون بلهجة أولئك النفر في شيء من التورية.

ومن يفعل المعروف؛ لتردد ذكره الألسنة في المجالس أو الصحف،