للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأنهم قد أجمعوا على ذلك، لا يخالفهم فيه إلا سعد بن عبادة الأنصاري الذي أبى أن يبايع أبا بكر، وأن يبايع عمر، وأن يصلي بصلاة المسلمين، وأن يحج بحجهم، وظل يمثل المعارضة قوي الشكيمة ماضي العزيمة، حتى قتل غيلة في بعض أسفاره".

قلنا لكم: إن المؤلف متى وقع نظره على رواية تمس سياسة العرب بعد الإسلام، ضرب منهج (ديكارت) برجله، وكان أجرى إليها من الماء في صبب.

يقول المؤلف: إن سعد بن عبادة قتل غيلة في بعض أسفاره، وسيقول في (ص ٧١): إن السياسة قتلته، ويشير إلى أن الباعث على قتله عدم إذعانه بالخلافة لقريش.

لم يذكر المؤرخون؛ كابن جرير، وابن الأثير، وابن خلدون، ولا الحفّاظ الكاتبون في التعريف بأحوال الصحابة؛ كابن حجر، وابن عبد البر، والذهبي، وجمال الدين المزي رواية أن سعد بن عبادة قتل غيلة بيد السياسة، وإنما تجدها في مثل "شرح ابن أبي الحديد لنهج البلاغة" حين قال: "ويقول قوم: إن أمير الشام كمّن له من رماه ليلاً إلى الصحراء، فقتله؛ لخروجه عن طاعة الإمام". وابن أبي الحديد على مذهب الشيعة، والأقرب أن تكون هذه الرواية شيئاً يزعمه بعض غلاتهم.

ونحن لا نشك في هذه الرواية، ونبحثها بقلب خال من كل ما قيل في موت سعد بن عبادة.

لم ترد هذه الرواية في الكتب المبسوطة في التاريخ، أو في التعريف بأحوال الصحابة، وهذا أمارة على أنها لم تدخل في دائرة العلم التي جاس