للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اليمن الحميريين، وكانوا كلهم مولعين بقول الشعر، وأرادوا أن تبقى الاتصالية في الأخبار والأحوال بين قبائلهم على اختلافها، ولم يكن لهم كتب يدونون فيها الوقائع بحيث يفهمها الجميع، فأجمع الشعراء على أن ينظموا شعرهم بألفاظ فصيحة مشهورة شائعة بين كل القبائل، وبذلك اشتركت ألفاظ اللغة العربية، وشاعت بمنطوق واحد، وتقررت من الجميع".

وهذا (سيديو) يقول في "خلاصة تاريخ العرب" (١): "كان بين الإسماعيلية والقحطانية تنافس المعاصرة المؤدي إلى اختلاف الكلمة، ثم مالوا إلى الوحدة السياسية ... ورأو الأشعار وسيلة لانتشار فخارهم في بحيث (٢) جزيرة العرب، وسبيلًا لوصول أعمالهم العجيبة، ومآثرهم إلى ذراريهم، فأحبوها، وعكفوا عليها، لكن كلام مؤلفي نجد والحجاز لم يفهمه مؤلفو اليمن، بل لم تتفق قبائل بلد واحد على لغة واحدة، إلا أن شعراء العرب الموكول إليهم اختراع لغة أعم من تلك اللغات رُويت أشعارهم في كل جهة، فتعينت الألفاظ المعدة للدلالة على الأفكار والتصورات، فإن العشائر المستعملة للعبارات المختلفة للدلالة على فكرة واحدة متى سمعت قول الشاعر، اختارته في ذلك الموضوع، وفهمت مع ذلك فوائد التمدن، فلذ! قابلت الأمة العربية هذه الابتكارات العقلية بالاعتبار، وأنشؤوا في عكاظ والمجنة وذي المجاز للمفاخرة بالشعر مجالس حافلة خالية من التحكم على النفوس".

وقال الدكتور (تشارلس ليال) في مقدمة "المفضليات" بعد أن أمتع


(١) (ص ٣٦).
(٢) كذا في الأصل وفي المرجع.