ثم قال: "وقد بينا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يبعث ليحكم على أهل عصره فقط، لكن على كل من يأتي إلى يوم القيامة".
ثم قال: "كل خطاب منه - صلى الله عليه وسلم - لواحد فيما يفتيه فيه، ويعلمه إياه، هو خطاب لجميع الأمة إلى يوم القيامة، وتعليم منه - عليه الصلاة والسلام - لكل من يأتي إلى انقضاء الدنيا".
ثم قال: "ومما يبين قولنا قوله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بردة في الأضحية بعنَاق جذعة:"تجزئك، ولا تجزئ أحداً بعدك"، فبين - صلى الله عليه وسلم - أن هذا الحكم خصوصي لأبي بردة، ولو كان فتياه لواحد لا يكون فتيا في نوع تلك الحال، لما احتاج - عليه الصلاة والسلام - إلى بيان تخصيصه، ومثله قوله تعالى:{خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ}[الأحزاب: ٥٠].
ولا فرق في عموم أحكامه - عليه الصلاة والسلام - بين أن يقول الراوي: قضى لفلان على فلان بكذا، وأن يأتي بصيغة عموم نحو:"قضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا يقتل الوالد بولده (١) "، و"قضى أن الحامل إذا قتلت عمداً، لم تقتل حتى تضع ما في بطنها، وحتى تكفل ولدها"، و"قضى باليمين مع الشاهد".
هذا ما يقرره علماء الإِسلام في قضايا الأعيان من أنها عامة بحكمها، وأدلتهم في هذا قاطعة، ومما يعززها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أصافح النساء، وما قولي لامرأة واحدة، إلا قولي لمئة امرأة"، وهذا من الأحاديث التي ألزم