وفيها عبارات صريحة لا ترضي المزيفين من رجال السياسة والعلم والتاريخ.
ولكن أجدني مضطراً لتصحيح وقائع تاريخية، حرّفها من صورها في محاضراته، وتحدث فيها عن بطولاته، ونشرت عبر وسائل الإعلام والصحف والكتيبات، وما أردت بهذا التصحيح أن أخرج عن طاعة الإمام، لولا أن الرئيس بورقيبة لم يقل ما يجب أن يقال، والحق أحق أن يتبع.
زرت تونس للمرة الأولى، ودخلتها براً من مدينة "بن غردان" في ٨/ ١١/ ١٩٥٧ م، وغادرتها جواً من مطار "العوينة" في ١٧/ ١١ / ١٩٥٧ م.
وقد شجعني على هذه الزيارة سماحة العلامة الشيخ محمد البشير الإبراهيمي، الذى كان يعاملنا كأبنائه، نتيجة المحبة الصادقة القائمة بينه وبين سيدى الوالد زين العابدين، وكان يرأس مكتب جمعية العلماء الجزائريين في القاهرة. وطلب من بعض العاملين في الحركة الوطنية الجزائرية أن يرفدوني رفيقاً لهم في رحلة برية عبر ليبيا إلى مدينة تونس، وكانوا في مهمة لنقل المعونات إلى جبهة التحرير. وسعدت بتلك الرحلة التي واصلت سيرها ليلاً نهاراً، وكنت في رفقة المناضل العالم الشيخ العباس بن الحسين الذي استلم في آخر حياته إماماً لمسجد باريز.
نزلنا في فندق متواضع في نهج قرطاج، وفي اليوم التالي اتصلت بالعلامة البحر الشيخ محمد الفاضل بن عاشور، مفتي الجمهورية التونسية، ولمست من سعادته وابتهاجه في وجودي بتونس ما أكد لي الصداقة النادرة التي كانت تربط العم الإمام محمد الخضر حسين بالإمام محمد الطاهر بن عاشور، الذى تشرفت وتباركت بلقائه في قصر آل عاشور بالمرسى بتونس على حفل عشاء خاص. ووجد علماء تونس ورجالها في شخصي ممثلاً للإمام