من الحكمة وسمو القول. وبمثل هذا التحقيق تبين الحديث الصحيح من الحديث الضعيف والموضوع.
وإنما يحتج في الأحكام العملية بالحديث الصحيح؛ لأنه يفيد العلم؛ أي: الظن القوي، وهو يجب العمل به في الأحكام العملية؛ بخلاف العقائد؛ فإنه يعتمد فيها على الأدلة العقلية المنطقية، وعلى الحديث المتواتر من الأدله السمعية. وكذلك أصول الأحكام، فإنه يتيسر للمجتهدين القطع فيها حيث يأخذونها من موارد متعددة من القرآن والحديث، فهي بمنزلة المتواتر.
وقد روي عن الخلفاء الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي:"أنهم كانوا إذا روي لهم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حديث، يقضون به، ولا يتجاوزونه".
وقال كل واحد من الأئمة الأربعة:"إذا صح الحديث، فهو مذهبي".
وقال الحافظ أبو بكر بن العربي في كتاب "الأحكام": "إن الآية عندنا، أو الحديث إذا جاء على خلاف الأصل، فهو أصل، بنفسه، ويجري على حكمه".
والإمام الشافعي قد كتب في الاحتجاج بالسنّة ما تيسر له، وقال:"لا أعلم من الصحابة ولا من التابعين أحداً أخبر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا قُبِلَ خبره، وانتهى إليه، وأثبت ذلك".
وقال ابن القيم من الحنابلة:"إن الحديث إذا صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولم يصح عنه حديث آخر ينسخه، فإن الفرض علينا وعلى الأمة الأخذ بحديثه، وترك كل ما خالفه".
والحديث الصحيح قد يجيء بياناً لمجمل في القرآن الكريم، أو يزيد حكماً على ما فهم من ظاهر القرآن، وكلٌّ داخل في قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ