ما لا يستطيع إنكاره، فإنا نعترف له بمزية البحث، وإعمال الفكرة لأننا أمة بحث ونظر، لا أمة تقليد وضغط على الأفكار.
ولا أظهر في هذا الموقف بدعوى المفاضل بينها وبين لغات أخرى، ثم أقضي لها بالمزية والسباق؛ فإن شرف منزلتها، وقرار حياتها، لا يتوقف في بيانه على الموازنة بينها وبين ما عداها من اللغات.
ولا أدعي - فيما أسوقه من شواهد حسنها - أن جميعه خاصة لها، لا يشاركها فيه لسان، فإذا أوردنا في سلكها فضيلة يعهدها بعض الحاضرين من لغة أخرى، فلا يناجِ نفسه بأنا خرجنا عن سبيل الغرض والقصد من الاستشهاد؛ إذ يكفينا داعيا إلى الذود عن حياضها، وناهضاً بالهمم إلى الاحتفاظ بها، أن غيرها من الالسنة لا يفوقها بفن من فنون البيان.
فالغرض، إنما هو البحث عن حال اللغة في حد نفسها من جهة أطوارها، ومحكم وضعها، واتساع نطاقها، وارتقائها مع المدنية، وما يشاكل ذلك، وإليكم حديثها.