مفعولي ظننت، منعوا حذف هذه الأصناف من الكلم، وإن قامت القرائن، ودلت على الحذف بوضوح.
فإذا جرى خلاف في حذف إحدى الكلم، فالأصل بيد من يوجب ذكرها، والمجيز لحذفها هو المطالب بالدليل.
قد يقال: إن العرب أكثروا من حذف ما تقوم عليه القرينة، كالمبتدأ والخبر، والمفعول به، والمعطوف والمعطوف عليه، والحال والتمييز، وفعل الشرط وجوابه، وباستقراء هذه المواضع يتقرر أصل يمكن اطراده، وهو صحة الحذف لدليل.
والجواب: أن ورود السماع بالحذف في باب؛ كالنعت أو المنعوت، إنما يبيح القياس في ذلك الباب خاصة؛ إذ أقصى ما تدل عليه شواهده: أن الحذف هنالك غير مخالف لأسلوب اللغة، وإنما أجاز الكسائي حذف الفاعل، والكوفيون حذف الموصول، والجمهور حذف أحد مفعولي ظننت؛ اعتماداً على شواهد مبسوطة في كتب الفروع.
وإذا ورد السماع بحذف حرف في موضوع من التركيب على سبيل الاطراد، فهل يقاس عليه ما يرادفه من الحروف، فيسوغ حذفه، ولو لم ترد به الرواية؟ هذا من مواقع اختلاف علماء العربية أيضاً، ومن أمثلته: أنهم أجازوا حذف "لا" النافية في جواب القسم، كما ورد في قوله تعالى:{تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ}[يوسف: ٨٥]، وقول الشاعر:
آليتَ حبَّ العراق الدهرَ أطعمه ... والحبُّ يأكله في القرية السوس
واختلفوا في حذف "ما" النافية في نحو هذا المقام، ومن أبى حذفها قد يتمسك بأن "لا" وضعت للدلالة على السلب، وحذفها يوهم إرادة الإثبات