في الدنيا، والفوز بالسعادة في الأخرى. فهو يهدي إلى معرفة مباع الكون، وما يجب أن يكون له من صفات، وما يدخل تحت سلطان قدرته من الأفعال، ويهدي إلى معرفة مصير الخليقة؛ من الفناء، ثم البعث، ثم الحساب، ثم إلى مستقر خالد في دار نعيم أو عذاب، ويهذب صلة العباد بالخالق، ويصلح الصلات بين الأفراد والجماعات، ويتوسل إلى هذه المقاصد بإقامة الحجة، وإلقاء الحكمة، وضرب الأمثال، وإيراد القصص العامرة بما فيه عبرة.
يصل الدين إلى الناس على أيدي بشر أمثالهم، ولكن الله اصطفاهم، وزكى أنفسهم، وأنار بصائرهم، فكانوا مستعدين لتلقي الوحي منه.
أولئك البشر المصطفون هم الرسل - عليهم الصلاة والسلام -، وقضت حكمته تعالى أن تكون رسالاتهم مؤيدة بالآيات البينات؛ لتتم بها الحجة، وتنجح معها الدعوة، وبهذه الآيات صارت أقوال الأنبياء - عليهم السلام - مقطوعاً بصحتها، وأفعالهم مشهوداً بحكمتها، فالدين الحق لا يتخلف عنه الصدق في قول، ولا تفارقه الحكمة في موطن.
وإذا حدثناك عن الدين بعد هذا، فإنما نحدثك عن دين الإسلام، ومسايرته للعلم الصحيح؛ إذ في استطاعتنا أن نقيم على ذلك الحجة، وندفع من حوله كل شبهة.
نجد فيمن يمشون في الفلسفة على غير سبيل طائفةً يعتقدون أن الكائنات مرتبطة في نفسها بأسباب معينة يترتب عليها أثرها حتماً، ولا يمكن انقطاع هذه الأسباب عن آثارها المعروفة بحال، وهذه العقيدة يحملها الطبيعي البحت، ولا تستقر في نفس تؤمن بأن جميع الكائنات تستند إلى