عقائدها، وتهذيب أخلاقها، وتوثيق عرا وحدتها، وإصلاح حال اجتماعها، فأصبحت رشيدة بعد غواية، ومتحدة بعد تفرق، وعالمة بعد جهالة، وعاملة بعد بطالة، وعزيزة الجانب بعد أن كان الفرس والروم يسيطرون على بعض أطرافها.
رفعت دعوة الإسلام الأمة العربية من حضيض الشقاء إلى أوج السعادة في سنين معدودة، ثم ارتفع صوت هذه الدعوة المباركة حتى وصل إلى أقصى الغرب، ثم إلى أقصى الشرق، وكانت هذه الدعوة تجد أينما جاءت عقائد فاسدة، ومزاعم ملفقة، وعادات ممقوته، وأهواء طاغية، فتزيح كل هذه الأرجاس من طريقها، فإذا القرآن يتلى، والسنّة النبوية تروى، وأولئك الدعاة يقيمون من إيمانهم الصادق، وعملهم الصالح، وخلقهم العظيم، مثلاً كاملة، فلا تلبث تلك الشعوب أن تعمل على طرق الهداية التي قرر أصولها القرآن، وفصلتها السنة النبوية، وسار عليها أولئك الدعاة المصلحون.
وإذا كان بعض تلك الشعوب؛ كالفرس والروم على شيء من علم أو مدنية، فإن حالتهم النفسية كانت في هبوط، وشؤونهم الاجتماعية كانت في اختلال، ودعوة الإسلام هي التي سمت بهم كما سمت بغيرهم من الشعوب إلى التوحيد الخالص. وطهرت نفوسهم من المزاعم الملقية في زراية، وجعلتهم يعبدون الله تعالى كما أمر، ويتقربون إليه بما يرضى.
ولو عمدنا إلى هذه الشعوب التي صارت إلى الاسلام، وأخذنا نقيس حياتها غير الإسلامية بحياتها الإسلامية، لوجدنا الفرق بين الحياتين كالفرق بين الظلمات والنور، أو الظل والحرور.
وإذا شئت أن تقف على شاهد لما استفاده العقل والعلم من دعوة