الإسلام، فانظر إليها كيف رفعت مقام العقل، وحثت على إعماله في النظر والبحث، والوثوق بما يدركه من نتائج، وما يجنيه من ثمرات، قال تعالى:{أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ}[الأعراف: ١٨٥].
وانظر إلى الدعوة كيف تنوه بشأن العلم، وترشد إلى الاعتماد على آراء العلماء فيما تناله عقولهم، ويدخل في دائرة بحثهم، قال تعالى:{قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ}[الزمر: ٩].
وعدّ علماؤنا فيما يجب أن تقوم به طائفة من الأمة كلَّ علم يتوسل به إلى معرفة حق، أو إقامة مصلحة؛ كالهندسة والحساب، والميقات والجغرافية.
نهض الإسلام بالعقول من وهدة الخمول، وأذن لها أن تبحث في كل علم، وتذهب في البحث كل مذهب، فوجدت الأمم من العرب وغير العرب في هذه السماحة ما أثار نشاطهم للبحث في كل ناحية من نواحي العلم، فلم يلبثوا أن جمعوا القرآن الكريم في مصحف، ودونوا الحديث النبوي بعد أن كان محفوظاً في الصدور، وكتبوا في تفسير القرآن، وشرح السنّة النبوية، وحققوا النظر في تقرير أصول الفقه، وحرروا وجوه استنباط الأحكام العملية، ووضعوا إزاءها العلوم العربية؛ من: النحو، والصرف، والبيان، وفقه اللغة. ودرسوا العلوم النظرية المعربة عن الكتب اليونانية وغيرها، فاصبحت بلاد الإسلام- ولاسيما عواصم الممالك؛ كبغداد، وقرطبة، ومصر، ودمشق، وتونس - موارد العلوم الإسلامية والأدبية والكونية.
ومن هذه الموراد استمدت الأمم الأوروبية معارفها وفنونها. وقد اعترف بهذا كثير من علماء أوروبا المنصفين، قال الأستاذ (بريفولت الإنجليزي) في