للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السرايا وقوله: "أمراء على الأمصار وقوله: "عمالاً على الصدقة فإنه يطعن في قول المؤلف: إن الأمراء إنما كانوا غزاة، أو عمالاً على المال.

وقال ابن حزم في "كتاب الفصل في الملل والنحل" (١): "وقد وجدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد قلّد النواحي، وصرف تنفيذ جميع الأحكام التي تنفذها الأئمة إلى قوم كان غيرهم أفضل منهم (٢)، فاستعمل على أعمال اليمن معاذ ابن جبل، وأبا موسى، وخالد بن الوليد ... ".

وقد نقلنا لكم آنفاً قول الحافظ ابن حجر: "والأخبار طافحة بأن أهل كل بلد كانوا يتحاكمون إلى الذي أمِّر عليهم".

وإذا كان المؤلف لا يلقي قلبه إلا بين يدي "أرنولد"، فإن أرنولد ومن معه يقولون في "دائرة المعارف الإسلامة" (٣): "يجب أن يكون القاضي مسلماً عادلاً، عالماً بجميع أحكام الشرع". ثم قالوا: "فالنبي - صلى الله عليه وسلم - والراشدون كثيراً ما فصلوا في خصومات بصفتهم قضاة، كما جرى على ذلك الأمراء والحكام الموفدون من قبلهم إلى المقاطعات الإسلامية".

ولا يعدّ قيام الأمير بفصل القضاء، وتنفيذ الأحكام، وغير ذلك من شؤون الولاية أمراً شاقاً؛ فإن وسائل العمران من مثل: الفلاحة، والصناعة، والتجارة لم تكن ظاهرة في البلاد التي فتحت زمن النبوة بهذا المظهر الواسع، حتى تكثر الخصومات والمنازعات لحد أن يعين لها قضاة شرعيون زيادة


(١) (ج ٤ ص ١٣٦).
(٢) يريد: أن الأفضلية لا تقتضي الإيثار بالولاية، بل يقدم كل عمل من فيه كفاية للقيام به.
(٣) في: الكلام على القاضي (ص ٦٠٦).