يقول المؤلف:"ولم يكن شيء من ذلك مفرداً، وإنما كان يحصل لوقت محدود"، وهذا مسلّم في أمراء السرايا، وأما أمراء البلاد، فإن ولايتهم كانت دائمة.
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري": "فأما أمراء السرايا والبعوث، فكانت إمرتهم تنتهي بانتهاك تلك الغزوة، وأما أمراء القرى، فإنهم استمروا فيها".
قال المؤلف في (ص ٤٥): "إذا نحن تجاوزنا عمل القضاء والولاية إلى غيرهما من الأعمال التي لا يكمل معنى الدولة إلا بها؛ كالعمالات التي تتصل بالأموال، ومصارفها "المالية"، وحراسة الأنفس والأموال "البوليس"، وغير ذلك مما لا يقوم بدونه أقل الحكومات وأعرقها في البساطة، فمن المؤكد أننا لا نجد -فيما وصل إلينا من ذلك عن زمن الرسالة- شيئاً واضحاً، يمكننا ونحن مقتنعون ومطمئنون أن نقول: إنه كان نظام الحكومة النبوية".
بُعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة، فأقام بها عشر سنين، أو ثلاث عشرة سنة، وهو يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة، ولما أذن الله بأن يقيم لهذا الدين دولة تحمي دعوته، وتحرس شعائره، وتدبر سياستها على محور تعاليمه، كان أول لبنة وضعها - صلى الله عليه وسلم - في أساس هذا الغرض الأسمى: ما أخذه على الأوس والخزرج من عهد البيعة على أن يكونوا أنصاره إلى الله، ثم هاجر إلى المدينة، وواصل العمل بما أوحى الله إليه، حتى اتسقت للإسلام شريعة ذات مبادئ عالية، ونظم حكيمة.
كانت المدة منذ شرع الإسلام في بناء دولة تحرس دعوته وشعائره،