لقد كانت الروابط الوحدوية - التي تجمع بين أبناء المغرب العربي منذ القدم - روابط قوية متينة، جمعتها القرابة والنسب، ولحمتها العقيدة واللغة، وصقلتها التجارب التاريخية، والآلام والآمال المشتركة، وأكدتها الأرض والجوار، فلم يكن هناك فرق بين مراكشي أو جزائري أو تونسي أو ليبي، كلهم في مشاعرهم ومصائرهم سواء، رغم ما طرأ من اختلاف عليهم في أنظمة الحكم التي سادت أقطارهم خاصة منذ احتلال فرنسا للجزائر في بداية العقد الثالث للقرن التاسع عشر.
ودعماً لذلك أرى من المهم أن أثبت ما قاله الشيخ عبد الحميد بن باديس، عندما تكلم عن وحدة أبناء المغرب العربي، قال -رحمه الله-: حيثما توجهنا إلى ناحية من نواحي التاريخ، وجدنا هذا المغرب العربي: طرابلس، تونس، الجزائر، مراكش، يرتبط بروابط متينة روحية ومادية، تتجلى في وحدته للعيان، ولسنا نريد هنا أن نتحدث عن التاريخ القديم، وإنما نريد أن نعرض صفحة من التاريخ الحديث الجاري.
ويذكر رائد النهضة الجزائرية الإمام ابن باديس كيف أن أبناء المشرق العربي ينسون، أو يتجاهلون أبناء المغرب العربي، مع أننا دائماً نمدهم بخيرة ما عندنا من رجالو السيف والقلم؛ كالأمير عبد القادر الجزائري وأبنائه الشهداء من أجل سورية، وأحفاده؛ مثل: الأمير خالد، ويسترسل في عرض أسماء بعض الأعلام؛ كسليمان باشا الباروني الطرابلسي، والشيخ السنوسي الطرابلسي الجزائري الأصل، والشيخ طاهر الجزائري الأصل، والشيخ عبد العزيز الثعالبي زعيم تونس، الجزائري الأصل، والشيخ الخضر حسين التونسي الأصل، وغيرهم