للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ما تبل ببلال، ووقير (١) كثير الرَّسل (٢)، قليل الرِّسل (٣)، أصابتها سنة حمراء مؤزلة (٤) ليس لها علل ولا نهل".

وتجد خطاب مالك بن نمط الهمداني يجري على هذا النحو.

ويروي أصحاب الحديث والسيرة أيضاً بعض كتب كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد بعث بها إلى نواحي اليمن مصوغة في مثال كلامهم، وهي لا تكاد تخرج عن نمط هذه الخطبة المضروبة مثلاً. وقد يسوق علماء اللغة شذرًا من هذه الأحاديث، كما حكى الأزهري في كتاب "التهذيب" عن وائل بن حجر: أنه قال: كتب لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا جلب ولا جنب ولا وراط، ومن أجبى فقد أربى".

ومما يلفت نظرك إلى أن لغة القبائل اليمانية أخذت تتصل باللغة العدنانية قبل عامل الإسلام: أنك تطالع تاريخ العهد المتصل بالإسلام، أو الأيام التي جعلت القبائل اليمنية تفد على مقام النبوة، فتفهم من روح التاريخ -على اختلاف مصادره، وتباين طرقه-: أن العدنانيين والقحطانيين لم يكونوا في حاجة عندما يتحاورون إلى مترجم ينقل حديث أحدهما إلى الآخر، ولو كانت اللغتان مختلفتين في المفردات، وقواعد النحو والصرف، لم يسهل على العدناني أو القحطاني فهم لغة الآخر، إلا أن يأخذها بتعلم، أو مخالطة غير قليلة.


(١) القطيع من الغنم.
(٢) التفرق.
(٣) اللبن.
(٤) آتية بالأزل؛ أي: القحط.