للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بفرنسا، وتكمم الأفواه عن النطق بالأحاديث المعتادة، فكيف الحال بصوت داوٍ يتحدث عن الحرية في آذان شعب مضطهد؟!.

تناقلت الأيدي المحاضرة من بيت إلى بيت، ومن معهد إلى معهد، يهمس بها المواطن التونسي إلى أخيه، فينتشر شعاعها في القلوب المؤمنة بحرية التراب التونسي. وقد حدثني سيدي الوالد الشيخ زين العابدين التونسي -حفظه الله- أن العم الإمام -رحمه الله- عندما ألقى هذه المحاضرة أحدثت أثراً عميقًا في المجتمع التونسي، ما زال يفعل فعله في الأوساط الشعبية كالنار في الهشيم، وكانت صوتًا من أصوات النضال التونسي السائر في الطريق إلى الحرية.

مثل تلك المواقف التي وقفها الإمام الأكبر -رحمه الله-، وما كان يبديه من آراء جريئة في المجلة التي كان يصدرها بتونس تحت اسم "السعادة العظمى"، وما يدعو إليه من أفكار إصلاحية حرة لا قبل للاستعمار الفرنسي بها، وما يثيره من حماسة تلامذته في المنتديات وحلقات العلم بالجامع الزيتوني الأعظم، كل ذلك جعله عرضة للملاحقة والتهديد والوعيد، فاكره على مغادرة الوطن الأم تونس إثر حكم بالإعدام صدر عن السلطات الفرنسية الحاكمة، فمضى في الآفاق الإسلامية داعياً إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة، صوت حق وهدى.

والله نسأل السداد.

علي الرّضا الحسيني