تحدث الكاتب عن العظمة، وعبادة الناس لها، ورجع يناقش في أن يكون لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عظمة، وتعلق في إنكار هذا بعلَّة أن محمداً - صلوات الله عليه - لم يكن ملكاً، ولا غنياً، ولا فيلسوفاً، ولا فاتحاً عظيماً، ولا مخترعاً أو مكتشفاً، ثم قال: من يبتغي عظمة محمد، فإنما هي كلمة واحدة جاء بها، وهي:"لا إله إلا الله".
ثم جعل يضع كلمة "لا إله إلا الله" ذات اليمين وذات الشمال، ويضعها على جانب البطلان مرة، وعلى جانب الصحة مرة أخرى، وقال: إن العلم والعقل سيقضيان في شأنها، فإما أن تكون باطلًا، وإما أن تكون حقاً، وأورد خلال هذا وعقبه كلمات مختلفاً ألوانها، وقد اخترنا أن نسوق إليكم قطعًا من هذا المقال، وننقدها بين أيديكم، لعلنا نزيح عن ذوي الفطر النقية سوء أثرها.
وحقيق علينا أن نفتح البحث بكلمة في مبنى العظمة حتى ندخل نقد المقال على بينة.
تضاف العظمة إلى الإنسان، فيرادفها: التجبر، والخُيلاء، وهذا المعنى لا يحوم على نفس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقيناً، ولا ينزل بساحته في حال، وقد يراد من العظمة: الجلال الذي هو أثر سمو القدر، وبلوغ المنزلة الكبرى في خصال الشرف، وهذا المعنى يتحقق في أكمل الخليقة، فقد كان جلاله يبهر العيون، ويذيب القلوب.
وقد يقصد من العظمة: عِظَم القدر، والتناهي في خصال السؤدد والكمال، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - أوسع الناس في هذه العظمة مجالاً، وأبعدهم فيها أمداً، وأرسخهم فيها قدماً.