قلوبهم حتى لا يكادوا يشعرون بقبح منظرها، أو يتفكروا في سوء عاقبتها. ومن أثر هذا: أن يقبل عليهم الحق بنوره الساطع، ووجهه الجميل، فتجفل منه طباعهم، وتجفوه أذواقهم لأول ما يشرف عليها.
ومن أثر السكوت عن بيان الحق والدعوة إليه: أن نبتت هذه الفئة التي تحاول القضاء على الآداب الفاضلة، والنظم الحكمية، وتهذي باسم الجديد والقديم، وأنصار الجديد وأنصار القديم، ويلغت بإخلاصها للقوة التي يعد الإخلاص لها جريمة، أن أخذت تدفع بعض أذنابها إلى إيذاء الأمة بتضليل أبنائها، والطعن في شريعتها، يفعلون هذا وهم يعلمون ما فيه من تمزيق رابطة الإلفة، وصدع بناء الوحدة، يفعلون هذا وهم يعلمون أنهم سيشاغبون أفكاراً وأقلاماً تعمل على إصلاح شؤون الأمة، وتجاهد في سبيل خلاصها، كانهم يبتغون منها أن تنصرف عن هذه الغاية السامية، وتقضي الزمن في جدالهم، وكشفِ اللثام عن بنات جهلهم ومواقع أهوائهم، وهذا ما وقع، وإلى الله المشتكى.
وإذا كان ضرر هذه الفئة على الحياة السياسية يساوي ضررها على الحياة الأدبية، فإن تقويمها، وحماية الشعوب من وبائها، لا يجب على رجال الدين خاصة، بل هو حق على كل من يغار على الأدب والنظام، وإطلاق الشعوب من قيود الاستعباد.