ما هزَّ عطفيه بين البيضِ والأَسَلِ ... مثلُ الخليفة عبد المؤمن بنِ علي
فأشار عليه أن يقتصر على هذا البيت؛ لأنه يغني عن بقية القصيدة.
ومدح عبد الرحمن الفنداقي الخليفة إدريس بن يحى بقصيدته التي يقول فيها:
أَلِبَرْقٍ لائح من أندرين ... ذرفت عيناك بالماء المعين؟
ويقول:
ومصابيحُ الدجى قد طفئت ... في بقايامن سواد الليل جون
وكأن الطلَّ مسكٌ في الدجى ... وكأن الطل درٌّ في الغصون
والندى يقطر من نرجسه ... كدموع أسكبتهن العيون
فرفع الخليفة الحجاب بينهما من شدة طربه بالقصيدة.
وقد يتفق الأدباء في فهم بلاغة البيت، ولكن ينظر كل واحد منهم إلى ناحية من المعنى، فيجعلها بالوجه الذي كان به البيت بليغاً؛ كما روي أن الشاعر أبا الحسن البقال سمع قصيدة إبراهيم الصولي، فاستحسنها، ولما وصل إلى قوله فيها:
رأى خلَّتي من حيث يخفى مكانهُا ... فكانت قذى عينيه حتى تجلَّتِ
كرره استحساناً له. وكان بمرأى منه أبو الفرج الحسين الأصفهاني صاحب كتاب "الأغاني "، فأرسل إليه يقول له: أسرفت في استحسان هذا البيت، فأين موقع الصنعة فيه؟ فقال: قوله: "فكانت قذى عينيه حتى تجلت "، فقال صاحب "الأغاني " للرسول: قل له أخطأت، فالصنعة في قوله:"من حيث يخفى مكانها".