وقلبوا أنظارهم في أساليبها المختلفة، وعرفوا كيف يضعون كل كلام بليغ في مرتبته.
وهذا التفاوت الواضح بين القرآن والحديث من أصدق الشواهد على أن القرآن الكريم كتاب نزل من السماء، لا أنه من صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يزعم من يجحدون بآيات الله.
وقد أجاز كثير من المحدثين رواية الحديث النبوي بالمعنى، ولو التزم جميع الرواة نقل الأحاديث باللفظ كما نطق بها - صلى الله عليه وسلم -، لعرفنا من فصاحته، وبراعة بيانه أكثر مما عرفنا.
وهذه الخصلة من خصال كماله - صلى الله عليه وسلم -، وهي الفصاحة، وحسن البيان، تدخل فيما يطلب الاقتداء به فيها؛ فإن دراسة علوم البلاغة، ومطالعة منشآت البلغاء، والتمرين على الخطابة والتحري، كل ذلك مما ينهض بالناشئين إلى أن يكونوا فصحاء بلغاء، حتى إذا تصدوا لبيان حق، أو دعوة إلى خير، استطاعوا أن يسترعوا الأسماع، ويأخذوا بالقلوب.