ولما بلغ خبر انتصاره موسى بن نصير، كتب إليه أن قف بالمكان الذي انتهيت إليه في الفتح، حتى أقدم إليك، وسرعان ما وصل موسى إلى الأندلس، وامتد في الفتح حتى توغل في البلاد.
ولما بلغ خبر هذا الفتح الوليدَ بن عبد الملك، أرسل يستدعي موسى ابن نصير، وطارق بن زباد، فنظم موسى الحكومة بالأندلس، وجعل على رأسها ابنه عبد العزيز، وسار بمغانم كثيرة، وركب هو وتابعه طارق البحر إلى دار الخلافة بدمشق.
ولما قارب دمشق، أرسل إليه سليمان أخو الوليد بن الوليد في علة سيموت بها قريبًا، فتمهل حتى يكون دخولك في أيامي، لينسب الفتح إليَّ، فأبى موسى أن يتمهل، وقدم دار الخلافة في أيام مرض الوليد.
ولما مات الوليد، انتقم من موسى بن نصير، وجرده من كل شيء، حتى مات موسى في حالة فقر وبؤس، ويقال: إن سليمان هذا لا يعرف له شدة غير ما فعله بموسى بن نصير.
ثم إن عبد العزيز بن موسى بن نصير قتل سنة ٩٨، وتولى إمارة الأندلس أيوب بن حبيب اللخمي ابن أخت موسى بن نصير، وتولاها بعده الحر بن عبد الرحمن الثقفي، ثم السمح بن مالك، وكان من المصلحين، ثم عبد الرحمن الغافقي، ثم عنبسة بن سحيم الكلبي، ثم عاد إليها عبد الرحمن الغافقي، وكان عادلاً حليماً، وهو الذي دخل بلاد فرنسا، ورفع لواء الإسلام فوق أسوار "ليون" ثم عبد الملك بن قطن الفهري، وكان ظالماً جائراً، فعزل، ثم عقبة بن الحجاج السلوي، وكان خير مثال للعدل والتقوى، ثم ثعلبة بن سلامة.