إليه، فإذا هو يقرئ في قوله تعالى:{مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: ١٠٦} الآية. بتفسير الخازن.
وبعد أن تم الدرس، تقدم إلينا بعض الطلبة الذين سبقت لهم بنا معرفة مسترشداً عن مسائل، منها: كيف يجمع بين قوله تعالى: {وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً}[الأنفال: ٢٥]، وقوله تعالى:{وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعام: ١٦٤]؟
فكان الجواب: أن الله لا يؤاخذ أحداً بزلة أحد، وإنما يستحق العقوبة صاحب الذنب، إلا أن الله فرض على كل مسلم رأى منكراً أن يغيره، فإذا لم يفعل ما استطاع من تغييره، وسكت، كان عاصياً، فينخرط مع صاحب الذنب في العقوبة، أحدهما بفعله، والآخر برضاه. قال تعالى:{كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ}[المائدة: ٧٩].
فالفتنة في الواقع لا تصيب إلا صاحب الذنب، كما قال عمر - رضي الله عنه -: إن الله لا يعذب العامة بذنب الخاصة، ولكن إذا عملوا المنكر جهاراً، استحقوا العقوية.
واجتمعنا بأحد الثقات من بلد "المسيلة"، فحكى لنا أن بعض الطلبة في تلك الجهة يعمل في صيامه بقواعد الحساب، وتارة يؤم الناس في صلاة العيد وهو صائم، فقلنا: ورد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "فإذا غمّ عليكم، فاقدروا له"، فذهب مطرف بن عبد الله أحدُ التابعين إلى أنّ معنى "اقدروا له": احسبوا له بحساب المنجمين، واستدل بقوله تعالى:{وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ}[النحل: ١٦].
والحق أن معنى "اقدروا": أكملوا العدد ثلاثين، بدليل رواية:"فإن غمّ عليكم، فكملوا العدد ثلاثين"، ثم إن الشرع مبني على ما تعلمه الجماهير،