من بني فلان، وخامسة: قال أعرابي، وهلم جرّا- نقول: إذا لاحظت هذا كله، عذرت القدماء والمحدثين إذا اعتقدوا أن العرب كلهم شعراء". ثم قال: "وإن أكثر هذا الشعر الذي يضاف إلى غير قائل، أو إلى قائل مجهول، إنما هو شعر مصنوع موضوع انتحل انتحالاً لسبب من هذه الأسباب التي نحن بإزائها، ومنها القصص".
قد يضاف الشعر المصنوع إلى قائل غير معروف، أو غير مسمّى، وقد يظن الذي يقرأ شيئاً من كتب الأدب ترويحاً للخاطر، وتسلية للنفس: أن هذا الشعر غير مصنوع. أما أهل العلم، فإنهم لا يثقون بما يمر على أسماعهم من شعر ينسب إلى قائل غير معروف، أو غير مسمّى، وإنك لتجدهم يأخذون في شرط الاحتجاج بالشعر أن يكون قائله معروفاً بأنه عربي فصيح، فهذا ابن الأنباري يقول في كتاب "الإنصاف": "لا يجوز الاحتجاج بشعر أو نثر لا يعرف قائله؛ مخافة أن يكون ذلك الكلام مصنوعاً، أو لمولَّد، أو لمن لا يوثق بكلامه". وأورد ابن النحاس في "التعليقة" بيتاً استشهد به الكوفيون على جواز إظهار "أن" بعد "كي"، وقال في ردّه: إن هذا البيت لا يعرف قائله. وأورد شطر بيت استشهد به الكوفيون أيضاً على جواز دخول اللام في خبر "لكن"، وقال في ردّه عن هذا البيت: لا يعرف قائله، ولا أوله، ولم يذكر منه إلا هذا، ولم ينشده أحد ممن وثّق في اللغة، ولا عُزي إلى مشهور بالضبط والإتقان. وأورد الفراء شاهداً على خفض ياء المتكلم في نحو كاتبيَّ، فردّه الزجّاج، وقال: ليس يعرف قائل هذا الشعر من العرب، ولا هو مما يحتج به في كتاب الله تعالى. وكثيراً ما يهمل المؤلفون اسم قائل البيت المستشهد به، إما لشهرته، أو لأنه مروي لشاعرين، أو لنسيانه وقت التأليف، مع الوثوق بأنه مسموع من العرب، وكتاب سيبويه مملوء