وكان موفق الدين البغدادي يدرس الطب فيما يدرسه من العلوم بالأزهر الشريف.
وكان من إقبال أمراء الإسلام وعلمائه على علم الطب: أن أكثر أساتذته في العهود التي ازدهرت فيها العلوم على اختلاف موضوعاتها، وأسوق شاهداً على هذا: أن سنان بن ثابت لما كلفه المقتدر بامتحان الأطباء، بلغ عدد الذين أجرى عليهم الامتحان في جانبي بغداد ثمان مئة شخص ونيفاً وستين، سوى من استغنى عن امتحانه بشهرته بالتقدم في هذه الصناعة.
والذي نرمي إليه في هذا الحديث: أن دين الإسلام ونبي الإسلام رفعا علم الطب وصناعته مكانة عالية؛ إذ كان الطب مظهراً من مظاهر الرأفة بالإنسانية، ووسيلة من أهم وسائل راحة النفوس، وتخليصها من آلام تكدر عليها صفو حياتها، ومعونة لذوي الهمم الكبيرة على أن يتمتعوا بعافية تسعدهم في القيام بأعمال جليلة، فالأخذ بما ينصح به الأطباء الأمناء من إتيان أشياء أو اجتنابها، إنما هو عمل على حفظ الصحة التي تظهر بها الأفراد والأمم في قوة وعزم يسهل عندهما كل صعب، ويتضاءل أمامهما كل خطب، وإنما خلق الإنسان ليسير في طريق الفلاح، ويذلل ما يلاقيه من العقبات بإيمان صادق، وعزيمة ماضية.