الجواب عن السؤال الأول؛ أن كلّاً من عمر بن الخطاب وأبي بكر يرى أن خالداً مخطئ في قتل مالك بن نويرة، غير أن عمر بن الخطاب رأى أن خالداً قتله عمداً بغير حق، فيؤخذ بالقصاص، وأبا بكر رأى بعد أن اجتمع بخالد أنه قتله على خطأ في التأويل، ولهذا دفع أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - إلى أولياء القتلى دياتهم.
والجواب عن السؤال الثاني: أن كل أحد -أستاذاً كان في السياسة أو تلميذاً- يعلم أن لوقت الحرب أحكاماً غير أحكام وقت السلم، فالإمام يتصرف في شؤون الحرب على ما يقتضيه التدبير الناجح، ويتطلبه الانتصار الفاصل، ومن المتعين على الإمام أن يعطي لأمير الجيش الذي وثق بكفايته سلطة واسعة، وكذلك فعل أبو بكر عندما وضع لواء الإمارة في يد خالد، وكان لخالد الأثر العظيم في إطفاء فتنة المرتدين، وإخماد ثورة المنشقين، وإنما وقعت منه هذه الحادئة- قتل مالك بن نويرة- على الرواية المختارة لدى المؤلف، وأبدى عذراً يجعله متأولاً في قتله، فمن السياسة الشرعية أن يقول أبو بكر:"ما كنت أقتله؛ فأنه تأول فأخطأ".
وما ادعاه المؤلف من أن النزاع بين مالك التميمي وأبي بكر القرشي نزاع في ملوكية ملك، لا في قواعد دين، فأمر اشتهته نفسه، ولذَّه قلمه. والواقع: أن أبا بكر "خليفة رسول الله" كان يدعو مالكاً المسلم لإقامة قاعدة من قواعد الدين، وهي الزكاة، ومالك المسلم يأبى إقامة هذه القاعدة. ومما يدخل في وظيفة أبي بكر: أن يحمل كل طائفة مسلمة على القواعد الشرعية، ومما يدخل في وظيفته: أن يجمع شمل المسلمين تحت راية واحدة.
ولو كان للمؤلف ذوق في الإسلام، وإنصاف للتاريخ، لقدر نتيجة