في التصوف على سوء نية، ولبعض هذه الطرق مظاهر تزدريها العيون، وتمجها الأذواق، وقد يحسبها من لا يعرف الإسلام أن لها صلة بالعبادات المشروعة في الإسلام، بل في رؤساء هذه الطرق من يتخذه الملاحدة دريئة يرمون من ورائها سهاماً مسمومة، لا غرض لها إلا أن تقع في مقاتل الدين الحنيف، وفي رؤساء الطرق من لا يزال يتقرب إلى الظالمين حتى يكون لسانهم الذي ينطق، وسمعهم الذي يسمع، ويصرهم الذي يرى.
فنحن نريد من علماء الطرق الصوفية أن ينظروا في هذه الطرق نظر من يعمل ابتغاء مرضاة الله، وينقدوا كل ما تحويه من تقاليد وآداب وأوراد، حتى إذا رأوا فيها ما لم يأذن به الله، طرحوه ناحية، وكان لهم في سيرة السلف من الصحابة والتابعين أسوة حسنة، فإذا لم ينقل عن السلف- مثلاً - أنهم احتفلوا في المساجد بالنفخ في المزامير، والنقر على الدفوف، أو أنهم ساروا في الشوارع يحملون الأعلام لغير جهاد، وإذا لم يرد عن السلف أنهم تحدثوا عن حضرة الخالق بعبارات موضوعة لعشق الحسان، ومعاقرة الخمور، علمنا أن هذا الصنيع كله إما لهو يشغل عن طاعة الله، أو باطل يصرف الوجه عن سبيل الله.
وإذا لم يرد في سيرة أحد من الصحابة أو التابعين أنه كان يسمي نفسه، أو يسميه غيره باسم يدل على أنه يتصرف في الكون تصرفاً غيبياً، كان الأحرى بالرئيس لأي طريق كان، أن لا يصف نفسه، ولا يسمح لأحد من أصحابه أن يصفه بما لم يوصف به صحابي جلس بين يدي أكمل الخليفة، وقضى حياته في عبادة خالصة، وسياسة عادلة، وجهاد في سبيل الله.
ندعو مشايخ الطرق الذين يؤثرون الحق على الخلق، أن يستضيئوا