وللقرآن الكريم أبلغ الكلم في تصوير حال الجبناء، فانظروا إليه إذ يصفهم ويريكم كيف يذوقون موتات الفزع المرة بعد الأخرى، فيقول:{يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ}[المنافقون: ٤]، ويريكم كيف يظهر أثر الجبن في أبصارهم إذ يقلبونها وهم في ذهول من أدركه الموت، فيقول:{أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ}[الأحزاب: ١٩].
ومن أبدع ما ورد عن رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - في تمجيد الأبطال الذين يركبون البحر للدفاع عن الحق: أن شبههم بالملوك على الأسرّة.
ولفضل الشجاعة في الذود عن الشرف والكرامة، جاء الفخر بالموت في مواقف الدفاع دون الموت على الفراش، قال عبد الله بن الزبير في خطبة تأبينه لأخيه مصعب:"إنا والله لا نموت إلا قتلاً: قَعْصاً بالرماح، وتحت ظلال السيوف".
وخلاصة الحديث: أن الأمة لا تحتفظ بعظمتها إلا أن تسود فيها الشجاعة، وأن عظمتها على قدر من تخفق عليهم رايتها من ذوي البطولة، فكان حقاً علينا أن نعنى في تربية أبنائنا بخلق الشجاعة الموصولة بالحكمة، حتى يروا العظائم صغائر، ويقتحموا الخطوب بعزائم لا يعرف التردد ولا الوهن طريقها.