نهتْه فلمّا لم ترَ النهيَ عاقَه ... بكتْ فبكى مما شجاها قَطينُها
قد يعرف الجبان فضل الشجاعة، ولكن الشجاع أعرف بقدرها، وأدرى بقيمة قِرْنه المطبوع عليها، وربما طاعنه مضطرًا إلى طعانه، والأسف يملأ ما بين جوانحه، قال بشر في القصيدة التي وصف فيها مقاتلته للأسد:
وقلتُ له يَعزُّعليَّ أَنّي ... قتلتُ مُناسِبي جَلداً وقَهْرا
ولكن رمتُ أمْراً لم يَرُمْهُ ... سِواكَ فلمْ أَطِقْ يا ليثُ صَبْرا
ويعجبني من تشطير الأستاذ محمود قبادو التونسي لهذه القصيدة قوله:
(وقلتُ له يعزُّ عليَّ أَنِّي) ... أراك معفَّرًا شَطْرًا فَشَطْرا
وأستحيي المروءة أن تَراني ... (قتلتُ مُناسبي جَلداً وقَهْرا)
وللشجاعة الفضل الأكبر في حماية شرف الفرد أو الجماعة، قال عمر ابن براقة الهمداني:
وكم من شرف قوم سقط إلى الثرى، وإنما سقط على أيدي أناس خالط قلوبهم الجبن، واشتد بهم الحرص على متاع هذه الحياة، حتى خيل إليهم أن قعودهم عن الدفاع حزم وروية، قال ابن الحسن:
يرى الجبناءُ أن الجبنَ حَزْمٌ ... وتلك خديعةُ الطَّبْعِ اللئيمِ