وآداب وعقوبات، فإنما هو شرع ديني خالص لله تعالى، ولمصلحة البشر الدينية لا غير. وسيان بعد ذلك أن تتضح لنا تلك المصالح الدينية، أم تخفى علينا، وسيان أن يكون منها للبشر مصلحة مدنية، أم لا، فذلك ما لا ينظر الشرع السماوي إليه، ولا ينظر إليه الرسول".
يقول المؤلف في هذه الفقرة: إن ما جاء به الإسلام من معاملات وعقوبات غير قائم على رعاية المصالح المدنية، ويقصد بهذا: أنها لا تصلح لأن تتمسك بها الدولة في سياستها، وما هو إلا الهوى تزوج بالعقيدة الشوهاء، فكان من نسلهما هذا الرأي العنيد.
أحكام الإسلام ترجع إلى: عبادات، ومعاملات، وعقوبات.
أما العبادات، فالقصد منها: مصلحة البشر الدينية، وقد تتبعها مصالح دنيوية؛ كما قال تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (١٠) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} {نوح: ١٠ - ١١].
وأما المعاملات والعقوبات، فإنه يراد منها: إقامة المصالح في الدنيا، وتترتب عليها مصلحة أخروية، وهي الثواب عليها في الدار الباقية، متى صحب العمل بها قصدُ الامتثال، وهذه المصلحة الأخروية لا تخرج المصلحة الدنيوية عن أن تكون هي المصلحة التي يبحث عنها أصحاب القوانين الوضعية، وإن شئت تحرير البحث في هذا الصدد، فإليك التحرير:
للنفوس أربعة أحوال: لذة، وسرور، وألم، وغَمّ. فيلتذ الإنسان بالحكمة، ثم بالطيبات من طعام وشراب، وفراش لين، ونوم هادى"، ويسرّ بازدياد الولد وصلاحه، والانتصار على العدو، وأن يكون له لسان صدق في مجالس أهل الفضيلة. ويتألم من الوجع، ومذاق الطعام المر،