للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استخلاف أبي بكر بعده، وأن معنى الخليفة في اللغة هو الذي يستخلفه، لا الذي يخلفه دون أن يستخلفه.

ثم قال في (ص ٨٨): "والذهاب مع هذا الرأي تعسف لا نرى له وجهاً صحيحا، ولقد راجعنا ما تيسر لنا من كتب اللغة، فما وجدنا فيها ما يعضد كلام ابن حزم، ثم وجدنا إجماع الرواة على اختلاف الصحابة في بيعة أبي بكر، وامتناع أجلّة منهم عنها".

أما كلام ابن حزم، فلم يكن المؤلف أول ناقد له، فقد قال ابن تيمية في "منهاج السنّة" (١): "إن الخليفة إما أن يكون معناه: أن يخلف غيره، وإن كان لم يستخلفه؛ كما هو المعروف في اللغة، وهو قول الجمهور، وإما أن يكون معناه: من استخلفه غيره؛ كما قاله طائفة من أهل الظاهر، والشيعة، ونحوهم". وقال أيضاً: "قالوا: والخليفة إنما يقال لمن استخلفه غيره، واعتقدوا أن الفعيل بمعنى المفعول، فدل ذلك على أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استخلف على أمته، والذين نازعوهم في هذه الحجة قالوا: الخليفة يقال لمن استخلفه غيره، ولمن خلفه غيره، فهو فعيل بمعنى فاعل".

وأما ما ذكر من امتناع أجلّة من الصحابة عن مبايعة أبي بكر، فقد كان ذلك في مبدأ الأمر، ثم أطبقوا على مبايعته، ولم يبق سوى سعد بن عبادة - رضي الله عنه -، قال شيخ الإسلام في "منهاج السنّة" رداً على أحد الرافضة في مقالة له تشبه مقالة المؤلف: "وأما الذين عدهم هذا الرافضي أنهم تخلفوا عن بيعة الصديق من أكابر الصحابة، فذلك كذب عليهم، إلا على سعد بن عبادة؛ فإن مبايعة هؤلاء لأبي بكر وعمر أشهر من أن تنكر، هذا مما اتفق عليه أهل


(١) (ج ٢ ص ١٧٥).