فوقف الأحنف وقال للرجل: قل ما شئت أن تقوله قبل أن يسمعك أهل الحيّ فيؤذوك.
وكان الأستاذ بدر الدين الحسني عالم الشام، لم يسمع منه أحد كلمة مكروهة، ولا يسمح لأحد كبير أو صغير أن يذكر أحداً في مجلسه بسوء.
ويحكى أن الوزير بتونس الشيخ محمد العزيز أبو عتور لا يُسمِع أحداً خادماً أو غيره قولاً مكروها.
وروي: أنه نبّه على سائق سيارته بأن لا يسرع في السير بها، فاسرع السائق، فاشار إليه أن يتمهل، فأسرع مرة أخرى، فقال له: قف بالعربة، ونزل وفرش منديلاً له على الأرض، وجلس عليه، وقال للسائق: اذهب إلى تونس، واقض الحاجة التي أسرعت من أجلها، وارجع تجدني هنا.
ووقع بيني وبين العلماء نزاع في مسألة، فلم يقتصر على ما يراه صحة لرأيه، بل زاد على ذلك كلاماً لا يتعلق بالبحث، فأجبته بذكر الحقيقة والتاريخ، وقلت له: ما زاد على ذلك، فغير أهل العلم أقدر عليه من أهل العلم.
ويعجبني ذهاب بعض الفقهاء إلى أن حرية رأي المجتهد في أحكام الدين إنما تقتصر على ذكر الدليل الذي يدل على تأييد رأيه، دون أن يصف رأي المخالف بضلال، أو خروج عن الشريعة كما يفعل أهل الأهواء.
وابن حزم عالم فاضل، غير أنه نقص من قدره أنه أطلق لسانه في الأئمة، ولم يقتصر على بيان رأيه والحجة عليه، أو بيان بطلان ما ذهب إليه غيره من الأئمة.
وقد نسب بعض المتعصبين من فقهاء المالكية إلى الإمام مالك طعناً في مذهب الإمام أبي حنيفة، ولكن أبا الوليد الباجي قال في كتاب "المنتقى":