للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اللغة؛ كالفرّاء، وأبي عبيدة، والزجّاج.

وصار التفسير إلى صنفين: تفسير يستند إلى الآثار المنقولة عن السلف، ويسمى: التفسير بالمأثور، وتفسير يستند إلى فهم علماء اللغة والبلاغة، ويسمى: التفسير بالرأي، وفي كل من الطريقتين علم غزير يقدره المنصف البصير، ولكنهما لم يخلوا من مآخذ يجب على الناظر في التفسير الاحتراس منها.

أما التفسير بالمأثور، فقد دخله الخلل من جهة روايات لم يصح إسنادها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو إلى من نسبت إليه من الصحابة.

وكان ابن جرير الطبري ينقد الروايات، فإذا ظهر له أن الرواية غير موثوق بها، تركها، وأبدى رأيه الخاص.

ودخل في التفسير بالمأثور أشياء يأسرها نفر من الإسرائيليين؛ مثل: كعب الأحبار، ووهب بن منبه، فربما ينقل هؤلاء القوم من الإسرائيليات ما له اتصال بتفسير بعض الآيات من قصص القرآن، ويتلقاها بعض المفسرين دون أن يعنوا بتمحيصها، والتثبت في صحة روايتها، وممن تيقظ لهذا: أبو محمد بن عطية من علماء الأندلس، فلخّص تلك التفاسير، وتحرّى ما هو أقرب إلى الصحة، وتبعه القرطبي في تلك الطريقة، فأسقط من تفسير ابن عطية القصص والتاريخ، وأثبت بدلها أحكام القرآن، واستنباط الأدلة.

وممن أنكر الأخذ بالإسرائيليات: أبو بكر بن العربي في تفسيره "قانون التأويل" (١).


(١) يوجد منه قسم كبير بدار الكتب المصرية.