وأما التفسير بالرأي، فقد يدخله الخلل من جهة مخالفته لما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في تفسير الآية برواية صحيحة، أو من جهة عدم موافقته لما تقتضيه قواعد اللغة أو بلاغتها؛ ذهولاً عنها، أو لقلة الخبرة بها.
قال مالك: لا أوتى برجل غير عالم بلغة العرب يفسر كتاب الله تعالى إلا جعلته نكالاً.
وعلى مثل هذا تحمل الآثار الواردة في ذم تفسير القرآن بالرأي، فمن واجب الكاتب في التفسير أن يتجه إلى تمحيص الروايات، ولا يعول إلا على ما صحت روايته، وأن يكون عارفاً بعلوم اللغة العربية، وفنون بلاغتها، وبهذا يسلم من أن يخوض فيما ابتدعه قوم من النوع الذي يسمونه: التفسير الباطني.
والتفسير المنسوب إلى الباطن صنفان:
صنف اخترعه طائفة من الزنادقة؛ ليعطلوا أحكام الشريعة، أو ليقلبوا حكمة القرآن إلى معان سخيفة، وهذا باطل ببداهة العقل.
وصنف ينسب إلى المتصوفة، ويطلق عليه بعضهم: الكلام في القرآن من باب الإشارة، وقد تحدث عن هذا الصنف بعض أهل العلم، وأنكروا أن يكون من قبيل التفسير.
قال الواحدي: صنف أبو عبد الرحمن السلمي حقائق في التفسير، فإن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير، فقد كفر.
وقال ابن الصلاح: لا يريدون التفسير، ولو أرادوا أن ما يقولونه تفسير للقرآن، لكانوا من الباطنية، وإنما ذلك تنظير منهم لما ورد؛ أي: هي معان يجدونها في نفوسهم عند التلاوة.