للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَرَمٌ كَمْ سُقِيَتْ حَصْباؤُهُ ... في دُجى اللَّيْلِ دُموعَ القانِتينْ (١)

فاسْأَلوا المِحْرابَ عَنْ بَدْرِ الهُدى ... إذْ هَوى يَسْجُدُ في ماءٍ وَطين (٢)

مَعْهَدُ الحكْمَةِ لا يَنْبُتُ في ... دَوْحِهِ إلَّا الدَّعاةُ المُصْلِحونْ

مِدْرَسٌ لِلْحَرْبِ لَمْ يَرْمِ الْعِدا ... قَطُّ إلَّا بالكُماةِ الْفاتِحينْ (٣)

ثُكْنَةٌ لِلْجُنْدِ والقَضْبِ إذا ... لَم يَكُنْ بُدٌّ مِنَ الحَرْبِ الزَّبونْ (٤)

حُجُرات مُلِئَتْ طُهْراً أَما ... عَمَّرَتْها أُمَّهاتُ المُؤْمِنينْ

لُقِّنَتْ فيها حُقوقٌ أنْقَذَتْ ... رَبَّةَ المَنْزلِ مِنْ أَسْرٍ يَشينْ

هأنَذا في مُقامٍ مُؤْنِسٍ ... كَسَنا الْبَدْرِ مَهيبٍ كالعَرينْ (٥)


(١) الحرم: الحرم النبوي الشريف، ومعنى الحرم: ما لا يحل انتهاكه. الحصباء: الحصى، والواحد حصبة. القانت: القائم بالطاعة والدائم عليها، والمصلي.
(٢) يسجد في ماء وطين: في هذا البيت يلمح الإمام لما ورد في "صحيح البخاري" عن أبي سعيد - رضي الله عنه -، قال: اعتكفنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - العشر الأوسط من رمضان، فخرج صبيحة عشرين، فخطبنا وقال: " ... إني رأيت أني أسجد في ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فليرجع"، فرجعنا وما في السماء قزعة (قطعة من سحاب) فجاءت سحابة فمطرت حتى سال سقف المسجد، وكان من جريد النخل، وأقيمت الصلاة، فرأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسجد في الماء والطين، حتى رأيت أثر الطين في جبهته - صلى الله عليه وسلم -.
(٣) المدرس: الموضع الذي يدرس فيه. الكمأة جمع الكمي: الشجاع.
(٤) القضب: ما قطعت من الأغصان للسهام والقسي، ويقصد بها: السلاح والعتاد الحربي. حرب زبون: يدفع بعضها بعضاً من الكثرة.
(٥) مهيب: يخافه الناس. العرين: مأوى الأسد.