للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

راضياً، واخترعوا كتبًا فيها فصاحة وأمثال، وادعوا أن عثمان كتب بها إلى علي، وذلك كله مصنوع؛ ليوغروا قلوب المسلمين على السلف الماضين، والخلفاء الراشدين.

اجتمع بعض رؤوس الفتنة بالكوفة، وأخذوا يزيدون نارها حطباً، فكتب سعيد بن العاص يشكوهم إلى عثمان، فأمره بارسالهم إلى عبد الرحمن ابن خالد عامل حمص، فوبّخهم خالد، وتوعدهم، فهابوا سطوته، وأظهروا التوبة، وأرسل بهم إلى عثمان متظاهرين بالتوبة، فخيرهم عثمان بالبلاد التي يريدون استيطانها، فاختاروا التفرق، وذهب كل إلى البلد الذي اختاره، ولما سار كل إلى ما اختار، عادوا إلى إيقاد الفتنة وتأليب الجماعة، وتكاتبوا من أمصارهم في القدوم على المدينة، حتى جمعوا أمرهم، وعزموا على خلع عثمان أو قتله، وتوجهوا نحو المدينة، متظاهرين بقصد الحج، وكان على أهل البصرة حكيم بن جبلة، وعلى أهل الكوفة الأشتر النخعي، وعلى أهل مصر عبد الرحمن بن عديس البلوي، فدخلوا المدينة في نحو أريعة آلاف شخص، فاطلع عليهم عثمان من حائط داره، ووعظهم، وذكرهم، فاستشاطوا، ولم تنجع فيهم الموعظة، وأراد الصحابة أن يدفعوهم عنه، فأوعز إليهم عثمان أن لا يقاتل أحد بسببه أبدًا، وثبت أن عبد الرحمن بن الزبير قال لعثمان: إن معك في الدار عصابة مستبصرة، ينصر الله بأقل منها، فأذنْ لنا، فقال: أذى الله رجلاً أراق لي دمًا. وقال سليط بن سليط: نهانا عثمان عن قتالهم، ولو أذن لنا، لضربناهم حتى نخرجهم من أقطارنا. وجاءه زيد بن ثابت، فقال له: إن هؤلاء الأنصار بالباب يقولون: إن شئت كنا أنصار الله مرتين، قال: لا حاجة لي في ذلك، كفوا. وروي: أن عبد الله بن عامر قال: كنت مع عثمان في الدار، فقال لي: اعزم على كل من رأى أن عليه سمعاً وطاعة