ثبَّت موسى بن نصير دعائم الإسلام في بلاد المغرب، وكان يقصد من فتوحه نشر الدعوة الإسلامية، لا بسط سلطان الدولة وحده؛ إذ ورد في أعماله الماجدة: أنه كان يخصص رجالًا من العرب متفقهين في الدين لتعليم البربر القرآن وفرائض الصلاة، كما فعل عمر بن عبد العزيز - رضي الله عنه - من قبله.
وكان موسى بن نصير معروفاً بالحزم واليقظة والدهاء، وقد شهد له بهذا عظيم من عظماء الدولة الأموية، وهو يزيد بن المهلب، يروى في سيرة موسى بن نصير: أنه لما تنكر له سليمان بن عبد الملك، لاذ بيزيد بن المهلب لمكانته من سليمان، وطلب منه أن يكلمه في شأنه، فقال له يزيد: لم أزل أسمع عنك أنك من أعقل الناس، وأعرفهم بمكايد الحروب، ومداراة الدنيا، فكيف حصلت في يد هذا الرجل بعد ما ملكت الأندلس، وألقيت بينك وبين هؤلاء القوم البحر الزخار؟ فقال له موسى: يا ابن الكرام! ليس هذا وقت تعديد. أما سمعت:"إذا جاء الحين، غطى على العين"؟
كان موسى بن نصير ثاقب الفكر في وجوه السياسة الدولية والحربية، ويكفي شاهداً على هذا: أنه ولي أمر ما وراء مصر إلى البحر المحيط، فأحكم تدبير شؤونه، وأخضع قبائل البربر، وفتح معظم بلاد الأندلس، ولم يهزم له جيش قط.
وكان - رحمه الله - فصيحاً بليغاً. قال صاحب "نفح الطيب": "أما معارفه الأدبية، فقد جاءت عنه بلاغة في النثر والنظم تدخله مع نزارتها في أصحاب دار الكلام".
وكان عامر القلب بإجلال الخالق- جل شأنه -, ما وقع قحط شديد