للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا مدحت امرأ غائباً ... فلا تغل في مدحه واقصد

فإنك إن تغل تغل الظنو ... ن فيه إلى الأمد الأبعد

فيصغر من حيث عظَّمْته ... لفضل المغيب على المشهد

ولم يمنع أبا بكر إجلالُه للغزالي أن يناقشه في كثير من المسائل، كما أنكر عليه قوله في كتاب "الإحياء": "ما في الإمكان أبدع مما كان (١) "، وقال: "ونحن وإن كنا قطرة في بحره، فلا نرد عليه إلا بقوله، فسبحان من كمل شيخنا بفواضل الخلائق، ثم صرف به عن هذه الواضحة في الطرائق".

* رجوعه إلى الأندلس:

عاد أبو بكر إلى الأندلس والنفوس إليه متطلعة، فوجدوه في العلم بحرًا زاخرًا، وفي الأدب قمراً زاهراً، فلقي منهم إقبالاً، وشملته منهم حظوة، ولسعة علمه، وقوة حفظه لما كان يرويه من الأحاديث والآثار، وقع في وهم بعض من لم يبلغ هذه الدرجة أن أبا بكر قد يروي ما لم يسمع، فقال:

يا أهل حمص (٢) ومن بها أوصيكم ... بالبر والتقوى وصية مشفق

فخذوا عن العربي أسمار الدجى ... وخذوا الرواية عن إمام مشفق

إن الفتى ذرب اللسان مهذب ... إن لم يجد خبراً صحيحاً يخلق

* شدة ارتياحه لرحلته:

ذكر أبو بكر مسألة استياك الصائم بعد العصر، وأورد الخلاف الذي


(١) يعني: أن خَلق هذا العالم لا يمكن أن يكون أحسن من هذه الصفات. ومن أهل العلم من ذهب إلى أن هذه الجملة مدسوسة على أبي حامد، ومن القريب تأويل نفي إمكان الإبداعية من جهة تعلق حكمة الله بخلق العالم على هذا النظام.
(٢) هي إشبيلية.