للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيه الإناث، وإن كان معنى الولد لغة يعم المصنفين.

ويراعى العرف القولي، وإن لم يوافق لغة العرب، أو ما جاء في لسان الشارع. وعلى هذا ينبني قول بعض أهل العلم فيمن حلف لا يأكل لحماً، فأكل سمكاً: إنه لا يحنث؛ حيث إن السمك لا يسمّى في العرف لحماً، وإن سمي به في قوله تعالى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا} [فاطر: ١٢]. كما أن من حلف لا يجلس على بساط، لا يحنث بجلوسه على الأرض؛ لأنها لا تسمى في العرف بساطًا، وإن كان لفظ البساط يتناولها بمقتضى معناه في لسان العرب، كما قال تعالى: {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا} [نوح: ١٩].

يعتد بالعرف القولي متى كان عاماً لبلد أو قوم، وتحمل عليه ألفاظ المتكلمين من أهل تلك البلد بإطلاق، سواء في ذلك العقود والالتزامات، والأيمان والنذور، أما إذا كان العرف القولي خاصًا بالمتكلم دون قومه أو أهل بلده، حمل لفظه عند المالكية على عرفه الخاص في الأيمان والنذور والطلاق، أما العقود، فإنما يرجع فيها إلى العرف العام، أو الوضع اللغوي، إن لم يكن هناك عرف عام.

ومثال العرف الفعلي: الزوجان يختلفان في المهر بعد البناء، فيدعي الزوج أنه دفعه لها، وتنكر الزوجة ذلك، فقد قال الإِمام مالك: إن القول للزوج؛ لأن العرف بالمدينة كان جارياً بدفع المهر قبل الدخول. وتطَّرِد هذه الفتوى في كل بلد تجري فيه العادة بدفع المهر قبل البناء. ومن هذا القبيل مسألة الحيازة عند المالكية، فمن حاز عقاراً عشر سنين، ثم قام شخص يدعى استحقاق ذلك العقار، ولم يقم عذراً عن سكوته تلك المدة؛ بنحو غيبته عن البلد، أو عدم علمه بحيازة المدعى عليه للعقار، فإنه لا ينتفع بالبينة