للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالحضرة الإلهية أو النبوية.

ومن أسوأ البدع: ما يضاهي به بعض طرق المخالفين؛ كهذا الذي يدعو إليه بعض الزائغين أو المغفلين من إقامة خليفة (روحي) لا جند له ولا سلاح، ولا يملك من تنفيذ الأحكام الشرعية قليلاً ولا كثيراً، يدعو إليه الزائغون؛ لأنهم يريدون اتخاذه رمزاً لفصل الدين عن السياسة، ويدعو إليه بعض المغفلين؛ لأنهم لم ينتبهوا لسريرة الزائغين، أو لما قصد الشارع في إقامة الخليفة من مصلحة اتحاد كلمة المسلمين، وتنفيذ أحكام شريعته الغراء، وإنما يتحد المسلمون تحت راية من يحترمونه؛ لعدله، وجهاده في الحق جهادًا يطمس على أثر الباطل، وإنما يقيم أحكام الشريعة على وجهها من يكون في لسانه حجة، وفي يده قوة.

ومن البدع التي جاء الإسلام ليقتلعها من منبتها: أعمال يبنيها أصحابها على زعم أنها تقي من الجن، وليس بينها وبين هذه الوقاية من صلة؛ كذبح حيوان، أو صنع طعام؛ باعتقاد أنه يجلب رضاهم، ويكون سبباً لدفع ضرر يتوهم أنه يجيء من ناحيتهم.

ذكر لابن شهاب: أن إبراهيم بن هشام المخزومي أجرى عينًا، فقال له بعض المهندسين عند ظهور الماء: لو أهرقت عليها في دمًا، كان أحرى أن لا تغيض، ولا تفور فتقتل من يعمل فيها، فنحر جزائر (١) حتى جرى الماء مختلطًا بالدم، وأمر فصنع له ولأصحابه منه طعام. فقال ابن شهاب: أما بلغه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى أن يذبح للجن؟

وقد عرفت أن ترك السنّة لا يستدعي فعل بدعة، إلا أن تترك السنّة


(١) جمع جزور، وهي الناقة المجزورة؛ أي: المنحورة.