ومن هذا القبيل: الأحاديث الواردة في فضل بعض البلاد؛ كفاس، ومصر، وعسقلان.
وربما كان الباعث على الوضع: داعية بغض أو حسد؛ كما وضع سعد بن طريف حديث:"معلمو صبيانكم شراركم" حين رأى ابنه يبكي، وقال له: ضربني المعلم.
ومن الدواعي إلى الوضع: ترويج ما يتعاطاه الواضع للحديث من بعض المصنوعات؛ كحديث "أتيت بهريسة فأكلتها، فزادت في قوتي ... إلخ"، فقد وضعه محمد بن الحجّاج اللخمي، وكان صاحب هريسة، وغالب طرق الحديث يدور عليه، ثم سرقه منه كذابون آخرون.
وقد يضع الحديث بعض الأغبياء؛ للحث على خير، أو الكف عن شر؛ بزعم أن هذا النوع من الوضع لا يدخل في الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم - المتوعَّد عليه بتبوء المقعد في النار؛ كما وضع أبو عصمة المروزي أحاديث في فضائل سور من القرآن، وقال: إني رأيت الناس أعرضوا عن القرآن، فوضعت هذه الأحاديث حسبة. وليس قصد هؤلاء لحمل الناس على عمل الخير بمنجيهم من وعيد الكذب على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وقد بذل علماء الحديث عنايتهم في نقد الأحاديث، وتمييز صحيحها من ضعيفها، وضعيفها من موضوعها، ففتحوا باب الجرح في الرواية"ولم يخشوا أن يكون ذلك من باب الغيبة، أو الطعن في الأعراض.
قيل ليحيى بن سعيد القطان: أما تخشى أن يكون هؤلاء الذي تركت حديثهم خصماء لك عند الله تعالى؟ فقال: لأن يكون هؤلاء خصمائي، أحبُّ إليّ من أن يكون النبي - صلى الله عليه وسلم - خصمي، يقول: لم لم تَذُبَّ الكذب عن حديثي.