للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

طائفتين: طائفة تذهب إلى استحباب إحيائها جماعة في المسجد، وممن وافق على هذا: إسحاق بن راهويه، وطائفة تكره الاجتماع لها في المسجد، ولا يكرهون للرجل أن يحيى تلك الليلة في الصلاة وحده، وهذا ما اختاره الأوزاعي إمام أهل الشام.

والمنكرون لتخصيص هذه الليلة بتعظيم هم طائفة من علماء الحجازة كعطاء بن أبي رباح، وابن أبي مليكة، وفقهاء أهل المدينة، وهو قول أصحاب مالك وغيرهم.

أما القائلون بإحياء هذه الليلة بالعبادة، فإنهم يستندون إلى أحاديث وردت في فضلهاة كحديث: "إن الله (١) -عَزَّ وَجَلَّ- ينزل إلى سماء الدنيا ليلة النصف من شعبان، فيغفر لأكثر من شعر غنم كلب". وحديث: "إن الله (٢) -عَزَّ وَجَلَّ- يطلع إلى عباده في ليلة النصف من شعبان، فيغفر للمؤمنين، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد لحقدهم حتى يدعوه". وهذه الأحاديث قد صرح علماء الحديث بضعفها، فمن يستند إليها في فضل ليلة النصف من شعبان، فلأنه لا يعترف بضعفها، أو لأن الأحاديث الضعيفة تكفي لأن يستند إليها في فضائل الأعمال.

ثم إن من أجاز إحياءها جماعة في المساجد يبني على أن لا بأس بصلاة النوافل في جماعة، وقد نص الإِمام الشافعي - رضي الله عنه - في "مختصر البويطي" و"الربيع" على أن لا بأس بالجماعة في النافلة، وقد ورد في هذا أحاديث صحيحة؛ كحديث عتبان بن مالك، وغيره.


(١) الدارقطني، والإمام أحمد في "مسنديهما".
(٢) رواه الدارقطني في كتاب "السنن".