وقوله:"فترد على فقرائهم" يدل على أن الزكاة تصرف للفقراء.
واختلفوا في المقدار الذي يملكه الشخص، فينتفي عنه الفقر، وتحرم عليه الصدقة، وهذا الحديث يدل على أن من ملك نصاباً مما تجب فيه الزكاة، فهو غني، فلا حق له في الزكاة، ووجه دلالة هذا الحديث: أنه قال: "تؤخذ من أغنيائهم" فوصف من تؤخذ منه الزكاة بالغنى، ولا تحل الصدقة لغني.
وظاهر هذا الحديث: أن الصدقة تصرف للفقير، ولو كان قادراً على الكسب؛ فإنه قال:"فترد على فقرائهم"، فجعل صرفها منوطاً بصفة الفقر.
وذهب بعض الأئمة إلى أن الزكاة لا تحل لمن كان قوياً على الكسب، وإن لم يملك شيئاً؛ لأنه بالقدرة على الكسب أصبح في حكم الأغنياء.
والمراد بالقوي على الكسب: من يقدر على كسب ما يقوم بضرورات الحياة، فسليم البنية الذي يبذل جهده في الكسب، ولا يصل إلى ما يقوم بالضروري من عيشه، أو عيش من يعولهم، يجوز صرف الزكاة له؛ لأنه لم يقدر على كسب ما يكفي حاجته.
ودل قوله:"على فقرائهم" على أن الزكاة إنما تعطى للفقير المسلم، ولا حق فيها للفقير الكافر؛ فإن الضمير في قوله:"فقرائهم" يعود على من أطاعوا بالشهادتين، وصاروا بذلك من القوم المسلمين.
ويؤخذ من قوله:"فقرائهم": أن الزكاة تفرق على الفقراء الذين هم بالبلد الذي أخذت منه الزكاة، وهذا هو الوجه، إلا أن تكون حاجة غيرهم أشد، فيجوز لولي الأمران يفرق بعض الصدقة بموضعها، وينقل الباقي