من الحنفية، وأبا بكر القفال من الشافعية يجيزون الاقتداء بالمخالف في الفروع الظنية على الإطلاق، ووجه هذا المذهب: أن الأصل صحة اقتداء المسلمين بعضهم ببعض، ومن ذهب إلى عدم الصحة، فعليه إقامة الدليل، ولم نر للقائلين بعدم الصحة إلا دليلاً هو: اعتقاد المأموم أن إمامه على خطأ، وهذا غير كاف في الاستدلال؛ لأن المأموم يعتقد مع ذلك أن عمل الإمام صحيح عند الله؛ إذ كل مجتهد مطالب بأن يعمل على مقتضى اجتهاده، ومن قلده إنما يعمل على مقتضى هذا الاجتهاد، وإذا كان عمل المجتهد، أو من يقلده صحيحاً عند الله، فما المانع من الاقتداء به؟
ثم إن السلف من الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين كانوا يختلفون في الفروع، ولم ينقل عن أحد منهم أنه تحرّج من الاقتداء بمن يخالفه في اجتهاده.
* تقليد الشافعي أو الحنفي للمالكي:
يجوز لأحد أتباع الأئمة المجتهدين تقليد مذهب إمام آخر إذا لم يقصد التلاعب، وهذا ما كان في عهد الصحابة - رضي الله عنهم -؛ فإنه لم يرد أنهم أنكروا على العامة تقليد أحدهم في بعض المسائل، وآخر في غيرها، والمدار على أن يكون قاصد الانتقال من مذهبه على بينة من صحة الحكم في المذهب المنتقل إليه؛ كأن يتلقاه من عالم أمين، وصحة الوضوء بالماء المستعمل ثابتة في مذهب مالك، فإذا توضأ الشافعي أو الحنفي بالماء المستعمل مقلداً مذهب الإمام مالك، فصلاته صحيحة.
هذا ما يقوله المحققون من علماء الأصول، غير أن منهم من يذكر للانتقال شروطاً، وأهم هذه الشروط: أن لا يحصل بالانتقال صورة يقع الإجماع على