على أبي طلحة الأنصاري يعوده، فوجد عنده سهل بن حنيف، فدعا أبو طلحة إنسانًا، فنزع نمطًا من تحته: فقال سهل بن حنيف: لم تنزعه؟ قال: لأن فيه تصاوير، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد علمتَ، فقال سهل: ألم يقل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إلا رقماً ثوب"؟ قال: بلى، ولكنه أطيب لنفسي.
وعلى هذا المذهب جرى المتأخرون من فقهاء المالكية، غير أنهم عبروا بالكراهة، وخلاف الأولى. قال الشيخ خليل في كتاب "التوضيح": التمثال إن كان لغير حيوان، جاز، وإن كان لحيوان، ويقيم (أي: يبقى طويلاً)، فهو حرام بإجماع، وكذا إن لم يقم؛ خلافاً لأصبغ، وما ليس له ظل إن كان غير ممتهن، فهو مكروه، وإن كان ممتهنًا، فتركه أولى.
ومن أهل العلم من يرى أن النهي عن اتخاذ الصور قد جاء في أول الإِسلام عاماً؛ ليقطع الوسيلة إلى عبادة الأصنام، وبعد أن تقرر هذا الحكم، وعرف الناس شدة مقت الشارع للتغالي في تعظيم غير الله إلى حد العبادة، أذن في اتخاذ ما كان رقمًا في ثوب، فيكون حديث: "إلا رقمًا في ثوب، مرخصاً في بعض ما حرم في أول الأمر من التصاوير.
وأما ما له ظل قائم، وكان تام الأعضاء، مصنوعاً مما يبقى زمناً طويلاً، ولم تدع إليه مصلحة التدريب على تدبير المنزل، فيحرم اتخاذه بلا خلاف، والرأي الشاذ الذي حكاه بعض المفسرين في جواز صنعه، ومقتضاه: جواز اقتنائه، لا يستند إلى أصل معقول، أو وجه يتلقاه النظر بالقبول.
فإن كان ناقص بعض الأعضاء الظاهرة؛ كالرأس أو البطن، فذلك ما يفتي المتأخرون من فقهاء المالكية بإباحته، وإن كان مصنوعاً مما لا يبقى زمناً طويلاً، فهو ما يقول أصبع بجواز اتخاذه، وإن دعت إليه حاجة التدريب