واحتفاظ بحقوق العباد، وجهاد في سبيل الحق قدر المستطاع. وهو من هذا الوجه قد أتى بخير كثير، وأنبت رجالاً عرفوا بالتقوى والورع، والدعوة إلى الخير بمواعظهم أو أحوالهم، فكان لهم فضل كبير في هداية كعير من الغافلين، وتقويم كثير من المنحرفين، ولكن آراء وأعمالاً مبتدعة دخلت في التصوف على جهالة، أوسوء قصد، فكان لها في حياة المسلمين أثر سيئ؛ مثل: الغلو في الزهد، وترك الأخذ بالأسباب في طلب الرزق، ومثل: عبارات الحلول التي دسها فيه قوم ظهروا في ثوب التصوف، فأوقعت بعض الناس في فتنة.
وكان لإسراف بعض المتصوفة في الحديث عن المكاشفة والاطلاع على ما في العالم الروحاني، والتصرف الخفي في الكون، أثر في غلو بعض الناس في الاعتقاد بعلو منزلة من يعتقدون صلاحه، حتى ترى بعض العامة يمتنعون من أن يحلفوا بالرجل الصالح كذباً، ثم لا يبالون أن يحلفوا بالله، وهم يعلمون أنهم غير صادقين فيما يحلفون، والتوحيد الخالص: أن تكون خشيتك لله فوق كل خشية.
ومن أثر التصوف المنحرف عن السبيل: أنه أدخل في العبادات مقصداً يجعلها صوراً من غير روح، ذلك أن بعض الناس يتجردون للعبادة بقصد أن يصلوا بها إلى الاطلاع على عالم الأرواح، وغرائب العلوم، وأن تخرق لهم العادات، وتجري على أيديهم الكرامات.
يروى أن بعض الناس لما سمع حديث:"من أخلص لله أربعين صباحاً، ظهرت ينابيع الحكمة، من قلبه على لسانه"، تعرض للعبادة لينال الحكمة فلم يفتح له بابها، فبلغت القصة بعض أولي البصيرة، فقال: هذا أخلص