للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يباح للرجل تعدد الزوجات بقدر ما يستطيع القيام بحقوقهن ومعاشرتهن بالمعروف، وكان العرب لا يقفون في تعدد الزوجات عند حد معين، ودلّ التاريخ على أن الواحد منهم قد يجمع بين عشر نسوة، ولكن الإسلام راعى ما قد يأتي به تعدد الزوجات من مصالح، فأذن فيه، ثم راعى ما قد ينشأ عنه من ضرر، فوقف به عند حد الأربم من النسوة، فصار التزوج بأربم نسوة فما دونها مباحاً؛ نظراً إلى المصلحة الراجحة.

أجمع علماء الإسلام على أنه يباح للرجل أن يتزوج اثنتين، أو ثلًاثًا، أو أربعاً، ويحرم عليه أن يزيد على هذا العدد، فإن زاد عليه، فقد خرج من النكاح إلى سفاح، وشذّ بعض المبتدعين الذين لا يعتد بآرائهم، فأباحوا الزيادة على أربع، وارتكبوا في تأويل قوله تعالى: {مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: ٣]، وجوهًا أقرب إلى الجهل، وأشبه بالعبث، وربّ تأويل للقرآن لا يزيد على إنكار القرآن، إلا أن أصحابه يسمونه: تأويلاً.

أما التحديد بأربع نسوة، فلأن المرأة الأولى جاءت على الأصل في إباحة النكاح، ثم أذن الشارع في تزوّج ثلاث بعد ذلك، والثلاث أول مراتب الجمع، وقد اقتصر الشارع على الثلاث في مواطن كثيرة، فأجاز هجرة الأخ ثلاثة أيام، والإحداد على غير الزوج ثلاثة أيام، والخيار في البيع ثلاثة أيام. ورخص للمهاجر أن يقيم بعد قضاء نسكه بمكة ثلاثاً، وأباح للمسافر أن يمسح على خفيه ثلاثاً، وجعل حد الضيافة ثلاثاً.

والخلاصة: أن الشارع الحكيم وزن نفس الرجل، وقاس ما تبلغه أخلاقه من كرم وعدل، فوجدها عند حد لا يكفي للقيام بحقوق الزوجات الكثيرات، فشرع حكماً راعى فيه مصلحة تعدد الزوجات، ومفسدة الإكثار منهنَّ، فجعل